الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
/قالَ شيخُ الإِسْــلاَم ـ رَحِمَه اللَّه تَعَالَى: حدثني أبي عن محيى الدين بن النحاس؛ وأظني سمعتها منه أنه رأى الشيخ عبد القادر في منامه وهو يقول إخبارًا عن الحق تعالى: (من جاءنا تلقيناه من البعيد، ومن تصرف بحولنا ألنا له الحديد، ومن اتبع مرادنا أردنا ما يريد، ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد). قلت: هذا من جهة الرب ـ تبارك وتعالى: فالأولتان: العبادة والاستعانة، والآخرتان: الطاعة والمعصية، فالذهاب إلى اللّه هي عبادته وحده كما قال تعالى: (من تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إلىّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة). والتقرب بحوله هو الاستعانة، والتوكل عليه، فإنه لا حول ولا / قوة إلا باللّه. وفي الأثر: (من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على اللّه). وعن سعيد بن جبير: (التوكل جماع الإيمان)، وقال تعالى: وقوله: (ومن اتبع مرادنا) يعني: المراد الشرعي كقوله: وقوله: (ومن ترك من أجلنا أعطيناه فوق المزيد). يعني: ترك ما كره اللّه من المحرم والمكروه لأجل اللّه: رجاء ومحبة وخشية أعطيناه فوق المزيد؛ لأن هذا مقام الصبر، وقد قال تعالى:
/ فأجــاب: أما [كتاب قوت القلوب] و [كتاب الإحياء] تبع له فيما يذكره من أعمال القلوب: مثل الصبر والشكر، والحب والتوكل، والتوحيد ونحو ذلك. وأبو طالب أعلم بالحديث والأثر، وكلام أهل علوم القلوب من الصوفية وغيرهم، من أبي حامد الغزالي، وكلامه أسد وأجود تحقيقًا، وأبعد عن البدعة مع أن في [قوت القلوب] أحاديث ضعيفة وموضوعة، وأشياء كثيرة مردودة. وأما ما في [الإحياء] من الكلام في [المهلكات] مثل الكلام على الكبر، والعجب والرياء، والحسد ونحو ذلك، فغالبه منقول من كلام الحارث المحاسبي في الرعاية، ومنه ماهو مقبول ومنه ماهو مردود، ومنه ما هو متنازع فيه. و[الإحياء] فيه فوائد كثيرة، لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا / ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوًا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين. وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه. وقالوا: مرضه [الشفاء] يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة. وفيه أحاديث وآثار ضعيفة، بل موضوعة كثيرة. وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم. وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة، ما هو أكثر مما يرد منه؛ فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه.
/وَقَالَ شيْخُ الإِسْـلام ـ قدس الله روحه: قد دل الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة على جنس المشروع المستحب في ذكر اللّه ودعائه كسائر العبادات، وبين النبي صلى الله عليه وسلم مراتب الأذكار، كقوله في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن سمرة بن جندب: (أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهن من القرآن: سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت) وفي صحيحه عن أبي ذر قال: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أي الكلام أفضل ؟ قال: (ما اصطفى اللّه لملائكته سبحان اللّه وبحمده). وفي [كتاب الذكر] لابن أبي الدنيا وغيره مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الذكر لا إله إلا اللّه، وأفضل الدعاء الحمد / للّه). وفي الموطأ وغيره حديث طلحة بن عبد اللّه بن كريز عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وفي السنن حديث الذي قال: يا رسول اللّه، إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا، فعلمني ما يجزئني في صلاتي فقال: (قل: سبحان اللّّه والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر). ولهذا قال الفقهاء: إن من عجز عن القراءة في الصلاة انتقل إلى هذه الكلمات الباقيات الصالحات. وفضائل هذه الكلمات ونحوها كثير ليس هذا موضعه. وإنما الغرض من الذكر والدعاء ما ليس بمشروع الجنس أو هو منهي عنه أو عن صفته. كما قال تعالى: ومن المنهي عنه: ما كانوا يقولونه في الجاهلية في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك. ومثل قول بعض الأعراب للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا نستشفع باللّه عليك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (شأن اللّه أعظم من ذلك، إن اللّه لا يستشفع به على أحد من خلقه) ومثل ما كانوا يقولون في أول الإسلام: / السلام على اللّه قبل عباده. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن اللّه هو السلام، فإذا قعد أحدكم فليقل: التحيات للّه والصلوات والطيبات). أشار بذلك إلى أن [السلام] إنما يطلب لمن يحتاج إليه، واللّه هو [السلام]، فالسلام يطلب منه لا يطلب له. بل يثنى عليه، فإنه له فيقال: التحيات للّه والصلوات والطيبات. فالحق سبحانه يثنى عليه ويطلب منه، وأما المخلوق فيطلب له. فيقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين. قال تعالى: وكذلك الدعاء المكروه، مثل الدعاء ببغي أو قطيعة رحم أو دعاء منازل الأنبياء أو دعاء الأعرابي الذي قال: اللهم ما كنت معذبي به في / الآخرة فعجله لي في الدنيا، ومثل قوله صلى الله عليه وسلم للمصابين بميت لما صاحوا: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) وقد قال تعالى: وإنما الغرض هنا أن الشرع لم يستحب من الذكر إلا ما كان كلامًا تامًا مفيدًا مثل: [لا إله إلا اللّه]، ومثل: [اللّه أكبر]، ومثل [سبحان اللّه والحمد للّه]، ومثل [لا حول ولا قوة إلا باللّه]، ومثل فأما( الاسم المفرد) مظهرًا مثل: [اللّه، اللّه] أو [مضمرًا] مثل: [هو، هو]. فهذا ليس بمشروع في كتاب ولا سنة، ولا هو مأثور أيضًا عن أحد من سلف الأمة، ولا عن أعيان الأمة المقتدى بهم، وإنما لهج به قوم من ضلال المتأخرين. وربما اتبعوا فيه حال شيخ مغلوب فيه، مثلما يروي عن الشبلي أنه كان يقول: [اللّه، اللّه]. فقيل له: لم لا تقول: لا إله إلا اللّه؟ /فقال: أخاف أن أموت بين النفي والإثبات. وهذه من زلات الشبلي التي تغفر له لصدق إيمانه، وقوة وجده، وغلبة الحال عليه، فإنه كان ربما يجن ويذهب به إلى المارستان، و يحلق لحيته. وله أشياء من هذا النمط التي لا يجوز الاقتداء به فيها؛ وإن كان معذورًا أو مأجورًا، فإن العبد لو أراد أن يقول: [لا إله إلا اللّه] ومات قبل كمالها لم يضره ذلك شيئًا؛ إذ الأعمال بالنيات؛ بل يكتب له ما نواه. وربما غلا بعضهم في ذلك حتى يجعلوا ذكر الاسم المفرد للخاصة، وذكر الكلمة التامة للعامة، وربما قال بعضهم: [لا إله إلا اللّه] للمؤمنين، و[اللّه] للعارفين، و[هو] للمحققين، وربما اقتصر أحدهم في خلوته أو في جماعته على [اللّه، اللّه، اللّه]. أو على [هو] أو [يا هو] أو [لا هو إلا هو]. وربما ذكر بعض المصنفين في الطريق تعظيم ذلك. واستدل عليه تارة بوجد، وتارة برأي، وتارة بنقل مكذوب، كما يروي بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لقن عليّا بن أبي طالب أن يقول: [اللّه، اللّه، اللّه]. فقالها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا. ثم أمر عليًا فقالها ثلاثا. وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث. /وإنما كان تلقين النبي صلى الله عليه وسلم للذكر المأثور عنه، ورأس الذكر: (لا إله إلا اللّه)، وهي الكلمة التي عرضها على عمه أبي طالب حين الموت. وقال: (ياعم، قل: لا إله إلا اللّه، كلمة أحاج لك بها عند اللّه)، وقال: (إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند الموت إلا وجد روحه لها روحًا)، وقال: (من كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه دخل الجنة)، وقال: (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا اللّه دخل الجنة)، وقال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدًا رسول اللهّ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على اللّه) والأحاديث كثيرة في هذا المعنى. وقد كتبت فيما تقدم من [القواعد] بعض ما يتعلق بهاتين [الكلمتين] العظيمتين الجامعتين الفارقتين: شهادة أن لا إله إلا اللّه، وشهادة أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا. فأما ذكر [الاسم المفرد] فلم يشرع بحال، وليس في الأدلة الشرعية ما يدل على استحبابه. وأما ما يتوهمه طائفة من غالطي المتعبدين في قوله تعالى: وهذا قياس مطرد في مثل هذا في كلام العرب كقوله: /وأغرب من هذا ما قاله لي مرة شخص من هؤلاء الغالطين في قوله: وقد يكون المعنى الذي يعنونه صحيحًا، لكن لا يدل عليه الكلام وليس هو مراد المتكلم، وقد لا يكون صحيحًا. فيقع الغلط تارة في الحكم، و تارة في الدليل كقول بعضهم: /وقد أودع الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي [حقائق التفسير] من هذا قطعة. وليس المقصود الآن الكلام في هذا فإنه باب آخر، وإنما الغرض بيان حكم ذكر الاسم وحده من غير كلام تام، وقد ظهر بالأدلة الشرعية أنه غير مستحب. وكذلك بالأدلة العقلية الذوقية؛ فإن الاسم وحده لا يعطي إيمانًا ولا كفرًا، ولاهدى ولا ضلالًا، ولا علمًا ولا جهلًا، وقد يذكر الذاكر اسم نبي من الأنبياء، أو فرعون من الفراعنة، أو صنم من الأصنام، ولا يتعلق بمجرد اسمه حكم إلا أن يقرن به ما يدل على نفي أو إثبات، أو حب أو بغض، وقد يذكر الموجود والمعدوم. ولهذا اتفق أهل العلم بلغة العرب وسائر اللغات على أن الاسم وحده لا يحسن السكوت عليه، ولا هو جملة تامة، ولا كلامًا مفيدًا ولهذا سمع بعض العرب مؤذنا يقول: أشهد أن محمدًا رسول اللّه. قال: فعل ماذا؟! فإنه لما نصب الاسم صار صفة، والصفة من تمام الاسم الموصوف، فطلب بصحة طبعه الخبر المفيد؛ ولكن المؤذن قصد الخبر ولحن. /ولو كرر الإنسان اسم [اللّه] ألف ألف مرة لم يصر بذلك مؤمنًا، ولم يستحق ثواب اللّه ولا جنته؛ فإن الكفار من جميع الأمم يذكرون الاسم مفردًا، سواء أقروا به وبوحدانيته أم لا؛ حتى إنه لما أمرنا بذكر اسمه كقوله: فإن قيل: فالذاكر أو السامع للاسم المجرد قد يحصل له وجد محبة، وتعظيم للّه، ونحو ذلك. قلت: نعم، ويثاب على ذلك الوجد المشروع، والحال الإيماني، لا لأن مجرد الاسم مستحب، وإذا سمع ذلك حرك ساكن القلب، وقد يتحرك الساكن بسماع ذكر محرم أو مكروه، حتى قد يسمع المسلم من يشرك باللّه، أو يسبه فيثور في قلبه حال وجد ومحبة للّه بقوة نفرته / وبغضه لما سمعه، وقد قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير حممة، أو يخر من السماء إلى الأرض، أحب إليه من أن يتكلم به. قال: (أو قد وجدتموه؟!) قالوا: نعم، قال: (ذاك صريح الإيمان)، وفي رواية: قال: (الحمد للّه الذي رد كيده إلى الوسوسة). فالشيطان لما قذف في قلوبهم وسوسة مذمومة تحرك الإيمان الذي في قلوبهم بالكراهة لذلك، والاستعظام له، فكان ذلك صريح الإيمان، ولا يقتضى ذلك أن يكون السبب الذي هو الوسوسة مأمورًا به. والعبد ـ أيضًا ـ قد يدعوه داع إلى الكفر أو المعصية فيستعصم ويمتنع ويورثه ذلك إيماناِ وتقوى، وليس السبب مأمورًا به؛ وقد قال تعالى: ففرق بين أن يكون نفس السبب موجبًا للخير ومقتضيًا، وبين / ألا يكون؛ وإنما نشأ الخير من المحل. فالمأمور به من الكلمات الطيبات والأعمال الصالحات، هي موجبة للخير والرحمة والثواب. وإذا اقترن بها قوة إيمان العبد وما يجده من حلاوة الإيمان وتذوقه من طعمه تضاعف الخير والرحمة والبركة، وما ليس مأمورًا به. إما من فعل العبد: محرمه ومكروهه ومباحه. وإما من فعل غيره معه: من الإنس والجن، وإما من الحوادث السمائية التي يصيبه بها الرب، إذا صادفت منه إيمانًا ويقينًا فحركت ذلك الإيمان واليقين، وازداد العبد بذلك إيمانا لم يكن ذلك مما يوجب أن تحب تلك الأسباب، أو تحمد أو يؤمر بها، إذا لم يكن كذلك، فإنها ليست مقتضية لذلك الخير، وإنما مقتضاها تحريك الساكن وطال ما جرت إلى شر وضرر. ويشبه هذا الباب ذكر الحب المطلق والشوق المطلق، والوجل المطلق، وما يتضمن ذلك من نظم ونثر، فإن هذا من المجمل أيضًا: يشترك فيه المؤمن والكافر، والبر والفاجر، فلذلك لم يشرعها اللّه ورسوله، ولم يأمر بها فإن اللّه إنما يأمر بالخير والعمل الصالح والبر وذلك ليس من هذا الباب، فإن شعر المحبين مشترك بين محب الإيمان ومحب الأوثان، ومحب النسوان، ومحب المردان، ومحب الأوطان، ومحب الأخدان. /فثبت بما ذكرناه أن ذكر الاسم المجرد ليس مستحبًا، فضلًا عن أن يكون هو ذكر الخاصة. وأبعد من ذلك ذكر[الاسم المضمر] وهو: [هو]. فإن هذا بنفسه لا يدل على معين، وإنما هو بحسب ما يفسره من مذكور أو معلوم فيبقى معناه بحسب قصد المتكلم ونيته؛ ولهذا قد يذكر به من يعتقد أن الحق الوجود المطلق. وقد يقول: [لا هو إلا هو] ويسرى قلبه في [وحدة الوجود] ومذهب فرعون والإسماعيلية وزنادقة هؤلاء المتصوفة المتأخرين بحيث يكون قوله: [هو] كقوله: [وجوده]. وقد يعني بقوله: [لا هو إلا هو] أي: أنه هو الوجود وأنه ما ثم خلق أصلًا، وأن الرب والعبد والحق والخلق شيء واحد. كما بينته من مذهب( الاتحادية) في غير هذا الموضع. ومن أسباب هذه الاعتقادات والأحوال الفاسدة الخروج عن الشرعة والمنهاج الذي بعث به الرسول إلينا صلى الله عليه وسلم. فإن البدع هي: مبادئ الكفر ومظان الكفر. كما أن السنن المشروعة هي: مظاهر الإيمان، ومقوية للإيمان؛ فإنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. كما أخبر اللّه عن زيادته في مثل قوله: فإن قيل: إذا لم يكن هذا الذكر مشروعًا. فهل هو مكروه؟ قلت: أما في حق المغلوب فلا يوصف بكراهة؛ فإنه قد يعرض للقلب أحوال يتعسر عليه فيها نطق اللسان مع امتلاء القلب بأحوال الإيمان، وربما تيسر عليه ذكر الاسم المجرد دون الكلمة التامة وهؤلاء يأتون على ما في قلوبهم من أحوال الإيمان وما قدروا عليه من نطق اللسان، فإن الناس في الذكر أربع طبقات. إحداها: الذكر بالقلب واللسان، وهو المأمور به. الثاني: الذكر بالقلب فقط، فإن كان مع عجز اللسان فحسن وإن كان مع قدرته فترك للأفضل. الثالث: الذكر باللسان فقط، وهو كون لسانه رطبًا بذكر اللّه، وفيه حكاية التي لم تجد الملائكة فيه خيرًا إلا حركة لسانه بذكر اللّه. ويقول اللّه تعالى: (أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه). الرابع: عدم الأمرين وهو حال الخاسرين. /وأما مع تيسر الكلمة التامة فالاقتصار على مجرد الاسم مكررًا بدعة، والأصل في البدع الكراهة. وما نقل عن أبي يزيد والنوري والشبلي وغيرهم: من ذكر الاسم المجرد، فمحمول على أنهم مغلوبون، فإن أحوالهم تشهد بذلك، مع أن المشائخ الذين هم أصح من هؤلاء وأكمل لم يذكروا إلا الكلمة التامة، وعند التنازع يجب الرد إلى اللّه والرسول، وليس فعل غير الرسول حجة على الإطلاق. واللّه أعلم.
|